Thursday, July 17, 2008

مرارة التغريب أم غربة الإسلام؟

مرارة التغريب أم غربة الإسلام؟
في أمسية إذاعية بثتها إذاعة أوروبية سأل مقدم البرنامج الجمهور: ماذا نفعل كي نوقف هذا الزحف البشري القادم علينا من المسلمين؟
ردود فعل المستمعين المتصلين هاتفيا أظهرت الحيرة الحقيقية والتقلّب والتفتت والتشتت تجاه هذا المشكلة الاجتماعية الكبيرة التي بدأت تقض مضاجع الأوروبيين حكومات وشعوبا.
ماذا نفعل كي نوقف المسلمين عن القدوم إلى بلادنا؟ أغلقنا الحدود والسواحل بوجههم، منعنا عنهم تأشيرات الدخول، منعنا عنهم ترخيصات العمل، ضيّقنا عليهم عيشهم، منعناهم من لم شمل أسرهم، طردناهم، أخرجناهم من الأبواب، وبعد كل هذا نراهم يطلوّن علينا من النوافذ، ويخرجون لنا من برك الماء ومن تحت السرير.
فما الحل؟قال أحدهم: لقد تفوق المسلمون علينا بأهم شيء وهو الأسرة. تجاهلنا الأسرة عن كونها الخلية الأولى في المجتمع، فضاع المجتمع وضاعت الأسرة.
وآخر يقول: الإسلام يحمل الكراهية لنا، يريدون أن يدمروا ديمقراطيتنا
وثالث يعبر عن حزنه لأن المسلمين لم يكونوا ضيوفا يحترمون الضيافة.والسؤال هنا هو:هذا الواقع الذي فرض نفسه على المجتمع الأوروبي، كيف وصل إلى ما هو عليه؟ هل هذا هو ثمن تخريب ديار المسلمين وهدم دولتهم وإقامة عملاء على أشلائها؟هل نسي الغرب أنه غرس غرسة خبيثة آتت أُكلها الآن ألا وهي هدم دولة الخلافة عام 1924 دون أن يحسب حسابا لأبنائها الأيتام الذين لن يهدؤوا إلا بعودة أمهم الرؤوم تضمهم في حِضنها بعد فرقة دهر.إن نتائج تخريب دار الإسلام على يد الأوروبيين، هم أول من يحصد مرارتها. فسواحلهم تغص بالهاربين من ظلم عملائهم الذين يرعون مصالحم في بلاد المسلمين، قتّلوا وذبّحوا ولاحقوا وسجنوا وظلموا حتى ضجت السماء والأرض من أعمالهم التي ضاهت ظلم فرعون وهامان وقارون. فهم أي الأوروبيون بين خصمين غير مرغوبين. الأول وهو من يريد الدخول بأي شكل وأي ثمن لأووربا فارّاً إما بدينه أو بأهله أو بنفسه، والثاني وهو المسلم من الأجيال التي تتالت في بلاد الغرب. نشأت فيه وترعرعت في ظل الظلم والهوان الناتجين عن تطبيق الرأسمالية. فذاقت هذه الأجيال مرارة الديمقراطية وخداع الحريات وتضليل البرلمانات، فنشأت كردة فعل على أكاذيب المبدأ الرأسمالي وحملته من السياسيين. وعادت إلى دينها تنهل منه في غفلة من الزمان، فكانت، بقصد أو بلا قصد، قوّامة على نفسها نابذة للنظام السياسي غير الإنساني، متمسكة بالإسلام، عاملة لعودة الحياة الإسلامية.إن الفشل الذريع الذي لحق الحضارة الأوروبية أمام كسب الأجيال المسلمة التي ولدت ونشأت فيها يؤكد فراغ هذه الحضارة الفكري، وبعدها كل البعد عن الإنسان. أما الإسلام فقد كان يكسب العقول والقلوب في البلاد التي يفتحها والذي كان ينال الأجيال كلها الإعجاب به وبعدالته ورفعته وإنسانيته. في خضم التناقضات الأوروبية تلك، انبرت شريحة من مسلمي الغرب للصيد في الماء العكر.
أُعجبوا بالحياة البرلمانية والحزبية الغربية، وطمعوا بقطعة من قالب الكعك جميل المنظر، فاشرأبّت أعناقهم، وباعوا ما لا يملكون وقبضوا ثمن انهزاميتهم، دراهم معدودة ومناصب منبوذة. هؤلاء هم من انبرى لتمثيل مسلمي الغرب مطأطئي الرؤوس مغلقي الأعين والآذان.قالوا بأن الإسلام سلام، وبأن القتال خطأ، وبأن المسلم مندمج مع كل واقع، ومتلون مع كل طيف، بل وينعق مع كل ناعق. فانفصلوا بذلك عمّن أرادوا تمثيله، وبالتالي انضموا تلقائيا لصفوف حكام الأمة وعملاء الغرب.والسؤال مازال يُطرح ويُبحث: ماهو الحل مع المسلمين؟هؤلاء الذين قدموا إلى أوروبا وحملوا جنسياتها واستقروا فيها ولكنهم لم يذوبوا ولم يتركوا دينهم إلى دنياها! ما الحل؟ كتب لهم أحد أبناء المسلمين الذي لم يُقِمْ خارج أوروبا بعد، كتب قائلا: ليس من مصلحة أوروبا استعداء المسلمين هنا، وليس من الحكمة اعتبار أننا غرباء، فقط لأننا مسلمون.فرد عليه السياسيون ومحامو الدولة والأمن قائلين: هذا تهديد مبطن! هذا يؤكد ضرورة التخلص من المسلمين وإبعادهم عن بلادنا.
سألهم أحد المسلمين: هل المشكلة هي كوننا من أصول غير أوروبية أم لكوننا مسلمين؟ لوكانت الأولى، فجلّ الأوروبيين الحاليين من أصول غير أوروبية. فلم يبقَ إلا الثانية! فأين حرية التدين التي صدعتم دماغ العالم بها ليل نهار.ويأبى الله إلا أن يتم نوره، وأن يفضح أهل الغرب بفضح مبدأهم الكاذب وكل ما ينادون به من حرية وديمقراطية وانتخابات وبرلمانات، بأنها من عمل الشيطان.ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين.

No comments: